المدونة

التاريخ الشفوي… يبني الهوية المجتمعية

كتبت :أصالة سامي

أنا اصالة كاتبة وصانعة بودكاست، شغوفة بتاريخ الموسيقى الشرقية وحكاياتِها. أؤمن بأن كل قطعة فنية، وكل نغمة موسيقية تحمل قِصةً تَحتاجُ لأن تُروى.

اعمل في إنتاج حلقات بودكاست عن SDGS ولي مشاركة سابقة في كتابة سيناريو لِمُسلسل إذاعي ضمن مشروع “تراثنا سلام وتعايش”. و أرى أن الفن و الموسيقى أدوات للتعبير و التغيير.

بعد التعريف عن نفسي سأشاركم من خلال هذه المقالة رؤيتي للتاريخ الشفوي الذي يعد مرتبط بحكايات الأجداد القديمة.

هل فكرت من قبل كيف يمكن لقصص أجدادك أن تشكل جزءاً من هويتك اليوم؟

قصص الأجداد وحكايات الأباء وكل الحوارت القديمة الطويلة التي يضطر صاحبها للتفكير والتذكر قبلها ليست مجرد ذكريات، بل هي ذاكرة فردية وجماعية تُشكل أساس هويتنا وثقافتنا.

التوثيق الشفوي للذاكرة الفردية والجماعية هو أحد أساليب حفظ التراث، الذي يعتمد على جمع المعلومات والذكريات من أفواه الناس والأسرة والأصدقاء والحكايات المتناقلة، ويتيح هذا الأسلوب فرصة توثيق حياة الناس اليومية وتجاربهم الشخصية، والتي غالباً ما تغفل في الوثائق المكتوبة. وما يميز التوثيق الشفوي أنه يخلق مساحة لظهور صوت الناس العاديين، ليصبحوا جزءاً من السرد التاريخي وتوثيق التراث.

وللتوثيق للشفوي اهمي في نقل التراث الشعبي، التقاليد، والعادات من جيل إلى آخر. وهذه الطريقة لا تحفظ القصص فقط، بل تعيد إحياءها، لتصبح جزءاً من الهوية الجماعية للمجتمع. فمع كل سرقات التراث ومحاولات طمس بعض تراث المجتمعات التي نراها اليوم، يُعد التوثيق الشفوي وسيلة أصيلة وصادقة للحفاظ على الذاكرة الثقافية.

عندما يتم جمع هذه الروايات وتوثيقها، ثم صبح جزءاً من التراث بحد ذاته. فالقصة التي تروى اليوم قد تتحول إلى مصدر إلهام أو معرفة للأجيال القادمة، تذكرهم بجذورهم، وكما يُقال من ليس له ماض ليس له حاضر.

والتراث ليس مجرد ماض، بل هو جزء من حاضرنا ومستقبلنا.

لنعمل معاً على توثيق التاريخ الشفوي، فكل قصة تروى اليوم هي جزء لبناء هويتنا الجماعية، وكل حكاية تُحفظ تُبقي جذورنا الثقافية حيّة ومتجددة، فلنوثق، ولنحافظ، ولنتشارك قصصنا قبل أن تضيع.

شارك هذا المقال عبر

اقرأ أيضًا

التاريخ الشفوي أحد المصادر المهمة لتاريخ المجتمعات و الشعوب
خلال دراستي الجامعية في مجال التاريخ الحديث والمعاصر، كان أساتذتي دائمًا ما يؤكدون لنا على أهمية وضرورة التاريخ الشفوي في فهم هُويتنا، لكننا كنا نفتقد لهذا النوع من التاريخ، وبشكل كبير. وأتذكر الفكرة التي قدمها الدكتور عبد الله أبو الغيث، أحد أساتذتي، في إحدى المحاضرات، وهي لماذا لا نسجل قصص الشخصيات المهمة والأحداث التي شكلت تاريخنا، حتى تستفيد منها الأجيال القادمة؟ تخيلت وقتها كيف يمكن أن نطبق هذه الفكرة، وكيف يمكن أن نخلق أرشيفًا صوتيًا، يجمع تجارب الشخصيات البارزة والأحداث المهمة والفارقة في مجتمعنا، وكيف يمكن أن يساعدنا ذلك في توثيق هُويتنا التي دائماً ما تتعرض للتدمير والعبث والسرقة. يعتبر التاريخ الشفوي أحد المصادر المهمة التي تعتني بتاريخ المجتمعات والشعوب، حيث يوثق الذاكرة الحية للأجيال القادمة. ويقدم هذا النوع من التاريخ صورة واقعية عن تفاصيل الأحداث وطبيعة الحياة والعلاقات في المجتمع، لأنه يؤخذ من، أفواه المعاصرين الذين كانوا شهودًا على أحداث معينة، أو ما يمكن أن نسميه "السرد من منظور الشخص الأول".
التاريخ الشفوي صناعة التاريخ الضائع
التاريخ الشفوي وتوثيق التراث يُعدّان من أهم الوسائل لنقل الموروث الثقافي إلى الأجيال القادمة. وتُعدّ رقمنة التراث وسيلة للحفاظ عليه، والاعتزاز بتنوع الثقافات ونشرها على نطاق أوسع. هذه الجهود تمنح الشباب دافعًا لحمل تراثهم أينما ذهبوا، مما يضيف بُعدًا جديدًا لدورهم كمؤرخين وباحثين، ويسهم في نقل الفن والتراث إلى العالم بروح الشغف والاكتشاف. من وجهة نظري، التاريخ الشفوي يُشبه إلى حد كبير صناعة محتوى تاريخي يعكس الفن والتراث، لكنه يتجاوز ذلك بإضفاء بُعد شخصي ومعنوي على القصة، بناءً على تجربة الباحث وواقعه أثناء البحث. فكل معلومة تُكتشف ليست مجرد جزء من الماضي، بل هي بوابة لمشاعر وتجارب مرتبطة بها. أحيانًا يكون دور الباحث أشبه بمنقّب عن آثار تاريخية، حيث يرى الأحداث بعين من يكتب لهم، ويضيف حياة إلى كل مرحلة وشريط تاريخي. إن التساؤلات المستمرة في كل مرحلة بحثية تقود إلى اكتشاف معلومات جديدة وإعادة إحياء أجزاء مفقودة من التاريخ، مما يسهم في صناعة سردية متجددة للتاريخ الذي كاد أن يضيع.
رحلة مليئة بالتعقيدات و التشويق
ستتعرفون عليا اكثر و سأشارك معكم في هذه المقالة رحلتي المليئة بالصعوبات و التشويق في صناعة البودكاست و التوثيق